26 - 06 - 2024

مؤشرات | تجميل أمريكي للكيان الصهيوني

مؤشرات | تجميل أمريكي للكيان الصهيوني

حتى اللحظة لا أشعر بحياد أمريكي في ملف الحرب الصهيونية على الفلسطينيين في قطاع غزة، والتي تتم بمباركة ودعم أمريكي لا محدود من واشنطن مباشرة، ورغم ما قدمته الإدارة الأمريكية من مقترحات ضمن مشروع الرئيس (جو بايدن)، إلا أن الواقع على الأرض يؤكد هذا الإنحياز الواضح للكيان الصهيوني.

وقبل أيام وفي تصريحات صحفية وعقب عقد لقاءات مع قادة المنطقة، سعى وزير الخارجية الأميركي (أنتوني بلينكن) إلى تجميل الكيان الصهيوني، وتجميل وجه بلاده أيضا، بالقول (إن إسرائيل وأمريكا دول ديمقراطية، وتضع أعلى قيمة لحياة الإنسان، وحماس على العكس من ذلك).

ولسنا هنا في موقع الدفاع عن حماس، والتي أرى أنها جزء رئيسي من أزمات اللحظة، بل ما يقوله (بلينكن) هو تأكيد على محاولات واشنطن لتبرئة الكيان الصهيوني المحتل من جرائمه بحق الفلسطينيين، وتبييض وجه محتل يتفنن في القتل والتهجير لأصحاب الأرض، وجرائمة على الهواء وليست وراء الكاميرات.

وهذا ما كشفته نتائج تحقيق مستقل أجرته الأمم المتحدة، وتم الإعلان عنه الأربعاء الماضي 12 يونيو 2024، وقد انتهى إلى أن السلطات الإسرائيلية مسؤولة عن جرائم حرب مثل التجويع كوسيلة حرب أو القتل العمد وتوجيه الهجمات بشكل متعمد ضد المدنيين والأعيان المدنية والنقل القسري والعنف الجنسي والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو القاسية والاحتجاز التعسفي والاعتداء على كرامة الشخص.

وأثبت تقرير لجنة الأمم المتحدة أن تصريحات مسؤولين إسرائيليين ترقى إلى مستوى التحريض وقد تُشكل جرائم دولية خطيرة أخرى، كذلك قامت إسرائيل بفرض "حصار كامل" يرقى إلى مستوى عقاب جماعي ضد السكان المدنيين.

وفي جرائم صهيونية مؤكدة، جاءت تصريحات قالها وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف "بتسلئيل سموتريتش" (سنسحل جثثهم في الشوارع حتى يكونوا عبرة)، ويقصد بذلك جثث الشهداء الفلسطينيين، .. وتلك هي الديمقراطية الصهيونية التي يتغنى بها المدعو بلينكن.

وهذا المتطرف الصهيوني "بتسلئيل سموتريتش"، هو ذاته الذي أمر بخصم 35 مليون دولار أمريكي من أموال ضرائب السلطة الفلسطينية (المقاصة)، وتحويلها إلى عائلات إسرائيلية تزعم أن أفرادا منها قتلوا بهجمات نفذها فلسطينيون... وفعلا إنها ديمقراطية (أنتوني بلينكن) الذي يسعى إلى تجميل الوجه القبيح للصهيونية.

وتلك هي الديمقراطية التي قالت عنها اللجنة الأممية في تقريرها يوم الأربعاء 12 يونيو "إن القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ارتكبت العنف الجنسي والتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية والاعتداء على كرامة الشخص وجميعها تعتبر جرائم حرب، كما سمحت وحرضت الحكومة والقوات الإسرائيلية على حملة هجمات عنيفة من قبل مستوطنين ضد مجتمعات فلسطينية في الضفة".

ولهذا طالبت (نافانيثيم بيلاي)، رئيسة لجنة التحقيق التي قامت بها االأمم المتحدة "بمحاسبة كل من ارتكب جرائم، والطريقة الوحيدة لوقف تكرار دورات العنف التي تشمل الاعتداء والانتقام... تكمن في ضمان الامتثال الصارم للقانون الدولي، ودعت إلى أن تقوم حكومة إسرائيل بتطبيق فوري لوقف إطلاق النار وإنهاء الحصار على غزة وضمان وصول المساعدات الإنسانية ووقف استهداف المدنيين والبنى التحتية المدنية".

وهذا الوجه القبيح الذي يسعى "أنتوني بلينكن" إلى تبييضه،  قد توصلت إليه الأمم المتحدة، بناء على مقابلات عن بُعد مع ضحايا وشهود وعلى آلاف المعلومات المستمدة من مصادر علنية تم التأكد منها عبر التحاليل الجنائية المتقدمة ومئات التقرير التي وردت عقب الدعوة لتقديم المعلومات والإفادات الخطيّة وصور الأقمار الصناعية وتقارير الطب الشرعي.

وحتى وقبل أن يعلن الكيان الصهيوني عن موقفه بشأن خطة "جو بايدن" لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تمادت الإدارة الأميركية في موقفها لتبييض الوجه الصهيوني، بتحميل حركة الطرف الفلسطيني مسؤولية تعطيل اتفاق الهدنة وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، في تواطؤ أميركي واضح في الحرب على غزة.

أليس كل هذا وغيره محاولات أمريكية صهيونية لتضليل الرأي العام العالمي، وتصدير وجه غير حقيقي عن الكيان الصهيوني المحتل، والتغطية على الجرائم اليومية لإبادة شعب أعزل "يتكوَّم" حاليا في مئات الألاف من الأمتار تحت قصف بالمدافع والطائرات والقنابل والصواريخ وزحف بالمدرعات والدبابات في قطاع غزة؟! .. فكفى كذبًا.
-----------------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | 19 كلمة لوزير خارجية إيران تثير القلق





اعلان